أعلنت شركة طيران أديل، الناقل الاقتصادي الأسرع نموًا في المملكة العربية السعودية، عن إطلاق مبادرة استثنائية تهدف إلى تأهيل واعتماد أفراد طاقم الضيافة كمرشدين سياحيين مرخَّصين، بالتعاون مع وزارة السياحة السعودية. وبهذا الإطار، أكملت الدفعة الأولى المكوّنة من عشرة من المضيفين والمضيفات برنامج تدريب متخصصًا يسمح لهم بأن يصبحوا «سفراء الضيافة» في استقبال الزوار من مختلف أنحاء العالم، من خلال تعريفهم بثقافة المملكة الغنية وموروثها التاريخي المتنوّع. بعد حصولهم على رخصة الإرشاد السياحي، سيكون بإمكانهم تنظيم جولات سياحية إلى أبرز المواقع الثقافية والتراثية بأنفسهم. وقد صُمّم هذا البرنامج حصريًا للمواطنين السعوديين، ويُقدّم عبر معهد تدريبي معتمد من وزارة السياحة. وقد تم الإعلان عنه رسميًا خلال النسخة الأولى من مؤتمر «تورايز» العالمي للسياحة الذي عُقد في الرياض في 11 نوفمبر 2025، ليُعدّ الأول من نوعه في الشرق الأوسط — وربما عالميًا — الذي يستهدف طواقم الضيافة الجوية ويجمع بين مهارات الضيافة والإرشاد السياحي. وصرّح السيد ستيفن جرينواي، الرئيس التنفيذي لطيران أديل، بأن هذه المبادرة «تعكس التزام طيران أديل المتواصل بدعم التوجه الوطني نحو بناء قطاع سياحي مزدهر. فطاقمنا السعودي هو الواجهة الأولى للمملكة أمام العالم، ومن الطبيعي أن يكونوا خير سفراء يعكسون قيم الضيافة السعودية ويشاركون ضيوفنا ثقافة وطنهم الثرية وتجاربهم الملهمة». وتأتي هذه الخطوة في سياق مساعي المملكة لتحقيق هدف استقبال 150 مليون زائر محلي ودولي بحلول عام 2030 ضمن جهودها لتنويع الاقتصاد وتطوير البنية التحتية السياحية. من جهتها، أكّدت وزارة السياحة أن تنمية الكفاءات الوطنية تُعد من أهم ركائز تطوير القطاع السياحي، وأطلقت المنصة «أهلها» لتأهيل وتنمية الكفاءات السعودية في المجالات السياحية، بما في ذلك المرشدين السياحيين. وأوضح السيد محمد مدهش، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في طيران أديل، أن الشركة تفخر بإطلاق المشروع بالتعاون الوثيق مع الوزارة، وداخل إطارٍ يمنح طاقمها فرصة لتعزيز مهاراتهم وتوسيع آفاقهم المهنية، مشيرًا إلى أن الحماس كان كبيرًا من الزملاء للانضمام إلى المبادرة المُلهمة. وتُعدّ المملكة العربية السعودية في طريقها بثبات نحو تصدّر الوجهات السياحية العالمية، مدعومة بمشاريع تنموية واسعة النطاق تشمل تحديث المطارات وبناء مدن طيران ضخمة. وفي هذا السياق تصبح طيران أديل شريكًا رئيسيًا وفعالاً في الاستراتيجية الوطنية لتعزيز السياحة، بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة السعودية، لربط المملكة بالعالم والمساهمة في تحقيق أهداف الرؤية الطموحة. وتشغّل الشركة حاليًا شبكة تضم 19 مدينة داخلية و13 وجهة دولية، مع خطط طموحة لزيادة عدد الوجهات إلى أكثر من 100 وجهة بحلول عام 2030، ورفع أسطولها إلى أكثر من 100 طائرة، وتشغّل حالياً 43 طائرة من عائلة إيرباص A320 لخدمة الرحلات الداخلية والدولية قصيرة ومتوسطة المدى من قواعدها الرئيسية في الرياض وجدة والدمام.
خلفية ودور «طيران أديل» في رؤية السعودية 2030
تأسّست شركة طيران أديل في 23 سبتمبر 2017، مصادفاً لليوم الوطني للمملكة، بانطلاق أولى رحلاتها بين جدة والرياض، وسرعان ما تبوّأت مكانة الريادة باعتبارها شركة طيران اقتصادي مبتكرة، إذ كانت أول شركةٍ إقليمية في هذا المجال تعتمد كلياً على القنوات الرقمية للتوزيع، في سوقٍ يتميّز بأن نحو 80 % من سكانه دون سن الأربعين ويمتلك معظمهم أجهزة جوّالاً. تُعدّ أديل شركة شقيقة للناقل الوطني «السعودية»، وتعمل تحت مظلة مجموعة الخطوط الجوية السعودية (السعودية Group)، وقد اُنشئت خصيصاً لتلبية احتياجات المسافرين من الجيل الشاب المتمرّس في استخدام التكنولوجيا. وتركّز أديل على تنشيط حركة السفر والسياحة والتجارة من خلال أسعار تنافسية يومية وخدمات تستهدف المسافرين لأغراض الترفيه والزيارة والعمل والحج والعمرة، مع تجربة سفر مبسّطة عبر مقصورة اقتصادية بالكامل على متن أسطولها ذي الممر الواحد. مع التحوّل الكبير الذي تشهده المملكة في إطار رؤية السعودية 2030، يُعدّ قطاعا الطيران والسياحة من المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي، وقد رسّخت طيران أديل مكانتها كأسرع شركة طيران نمواً في المملكة والمنطقة، بفضل أداءها التشغيلي المتميّز، خاصة في دقة مواعيد الرحلات. وفي إطار خططها التوسعية، أعلنت الشركة في مايو 2024 عن أضخم طلبية في تاريخها لشراء 51 طائرة جديدة من طرازات Airbus A320neo وA321neo، ومن المقرّر أن تبدأ عمليات التسليم عام 2027، كما تستعد لتشغيل رحلات طويلة المدى اعتباراً من عام 2027 باستخدام طائرات Airbus A330neo. بنحوٍ عام، تخطّط الشركة لتشغيل مئات الخطوط الجوية بحلول عام 2030، مما يضاعف حجم أسطولها وشبكة وجهاتها ثلاث مرات لتتجاوز 100 طائرة ووجهة، الأمر الذي يجعلها من أسرع شركات الطيران نموًا وأكثرها جاذبية للعمل في المملكة.
السياحة السعودية في مرحلة التحوّل
تشهد المملكة العربية السعودية تحوّلاً استراتيجياً في قطاع السياحة، مستندة إلى برنامج إصلاحي وتنموي واسع في إطار رؤية السعودية 2030، التي تستهدف استقبال 150 مليون زائر داخلي ودولي بحلول نهاية العقد. هذا الهدف يرتبط مباشرة بتعميق الاقتصاد غير النفطي وتنويعه، حيث يُعدّ قطاع السياحة أحد الأعمدة الرئيسة فيه، سواء من ناحية الإيرادات أو خلق فرص العمل. ونظراً لطبيعة المملكة التي تضم مقوّمات سياحية فريدة تشمل المدن التاريخية، والمواقع الدينية، والسواحل المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي، والبحار، والجبال، فإن الاستثمار في البنية التحتية والخدمات السياحية يُعدّ ضرورياً لدعم هذا الطموح. لذا فإن مبادرات مثل تأهيل طاقم ضيافة الطيران ليصبح مرشدين سياحيين تأتي في إطار أوسع لتعزيز تجربة الزوار ورفع مستوى الخدمة وجعل المملكة أكثر جاذبية للسياح العالميين.
تحليل المبادرة: ما الجديد ولماذا؟
إن المبادرة التي أعلنتها طيران أديل تعد أول من نوعها في الشرق الأوسط — وربما على المستوى العالمي — إذ تدمج بين قطاعي الطيران والخدمات السياحية على نحو مباشر. فطاقم الضيافة الجوّي، الذي عادة ما يُعدّ الواجهة الأولى للمسافر عند انطلاق الرحلة أو عند وصوله، يتحول من مجرد مقدم خدمة داخل المقصورة إلى مرشد سياحي معتمد، يُمكّنه من المشاركة في الجولات الميدانية الموجهة للزوار. هذا التوجه يحمل عدة دلالات إيجابية:
أولاً، يعزز من جودة تجربة الزائرين، فالأفراد الذين يلتقون بهم أثناء الرحلة يمكن أن يكونوا أيضاً سفراء للسفر داخل المملكة، يقدمون للمسافرين معلومات ثقافية وتراثية مباشرة، مما يضفي قيمة مضافة على زيارة المملكة ويجعلها أكثر تفاعلاً وثراءً.
ثانياً، يشير إلى نضج قطاع الخدمات السياحية داخلياً، إذ إن تأهيل طاقم الضيافة ليصبح مرشدين مرخّصين يعكس اهتماماً بتوطين الكفاءات ورفع مستوى المهارات الوطنية. وقد أكّدت وزارة السياحة أن تنمية رأس المال البشري تُعدّ من أهم ركائز تطوير القطاع. ومن خلال منصة «أهلها» تمّ العمل على تأهيل الكوادر السعودية في مجال السياحة .
ثالثاً، يعكس التزام الناقلين المحليين بدعم استراتيجية الدولة في تنويع الاقتصاد، فطيران أديل لا تكتفي بتوسعة أسطولها والوجهات التي تخدمها، بل تمضي نحو استثمار المورد البشري وعلاقته المباشرة بتجربة الزائر.
من جهة التحديات، فإن نجاح هذه المبادرة يعتمد على عدة عوامل: مدى تنسيق الجولات السياحية مع الجهات المحلية المختصة، وإدماج طاقم الضيافة في أنشطة سياحية ميدانية حقيقية، فضلاً عن قدرة الشركة والحكومة على إدارة الجدولة الزمنية كي لا تتداخل مهام الرحلة مع مهام الإرشاد الفعلية. لكن بالنظر إلى الضغوط التي تفرضها الأهداف السعودية السياحية، فإن هذه المبادرة تمثل خطوة تأسيسية مهمة.
الربط بالسياحة العالمية وتأثيرها المستقبلي
على المستوى العالمي، تشهد صناعة الطيران والسياحة تحولات كبيرة بعد جائحة كورونا، مع اهتمام متزايد بتجربة المسافر والتجربة الشخصية والتفاعلية. وقد أشار اتحاد النقل الجوي الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) إلى أن تدريب الكوادر البشرية يُعدّ من محركات النمو في المملكة، إذ يساهم القطاع الجوي بنحو 90.6 مليار دولار أو 8.5 % من الناتج المحلي السعودي، ويُوظّف نحو 1.4 مليون شخص. وبما أن المملكة تسعى إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للسفر والسياحة، فإن إشراك طيرانها الاقتصادي مثل طيران أديل في هذه الاستراتيجية يوفر دعماً حقيقياً لتحقيق ذلك.
ومن زاوية النشاط السياحي، فإن تأهيل مضيفي الطيران كمرشدين يُظهر توجه المملكة إلى جعل كل نقطة اتصال مع الزوار فرصة تثقيفية وتجريبية، وهو نمط يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في السُياحة الثقافية والذكية. كما أن إشراك الشركاء الجويين في تجربة السياح يعزز من سلسلة القيمة السياحية بدءاً من الطائرة وصولاً إلى الوجهة.
ما الذي يعنيه ذلك للسوق المحلي والاقتصاد؟
إن دمج قطاع النقل الجوي بالقطاع السياحي بهذه الطريقة يسهم في تحقيق عدة أهداف اقتصادية: تنشيط السياحة الوافدة، زيادة إنفاق الزوار، رفع معدل البقاء في الوجهات السعودية، وتعميق الربط بين الحركة الجوية والوجهات السياحية. كذلك فإن رفع مهارات المواطنين كمرشدين يصبّ في هدف الدولة بتوطين الوظائف في القطاع السياحي، وخلق مسارات مهنية جديدة للمواطنين داخل الشركات السياحية والطيران.
وعلى مستوى شركة طيران أديل، فالمبادرة تعزّز من الصورة المؤسسية وتواصل النمو؛ إذ لا يقتصر دورها على نقل الراكب بل يمتد إلى تعزيز الصورة السياحية للمملكة. من جانب المنافسة، هذه المبادرة قد تشكّل ميزة تنافسية للطيران السعودي الاقتصادي وتجذب المسافرين الباحثين عن تجربة متكاملة.
التوقعات والخطوات القادمة
من المتوقع أن تشمل المبادرة دفعات تدريبية لاحقة بعد الدفعة الأولى، مع زيادات في عدد المرشدين السياحيين من طاقم ضيافة الشركة. ومن المحتمل أن تستثمر طيران أديل في شراكات مع الجهات المحلية المعنية بالسياحة والمناطق التراثية لتنسيق الجولات السياحية التي ينظمها المرشدون المعتمدون. كما يُتوقع أن تُدمج خدمات الإرشاد في منتجات الرحلات والمقاصد التي تخدمها الشركة، مما يفتح الباب أمام نماذج عمل مبتكرة مثل الجولات المنطلقة مباشرة من المطار أو عبر الطائرة.
وبما أن الاستراتيجية الوطنية للسياحة تعطي أولوية لترسيخ الصورة الدولية للمملكة وترسيخ مكانتها على خريطة السياحة العالمية، فإن هذه المبادرة تعتبر من المقاربات الذكية التي تربط بين العنصر البشري والتجربة السياحية والجغرافيا المحلية، وتماشيًا مع معدّلات النمو التي تستهدفها المملكة.




