الضباب الشتوي يحوّل الباحة إلى لوحة طبيعية تجذب الزوار في موسمهـا الأبرد

يتربّع مطلّ الحَرّة على مشهدٍ 冬يٍّ استثنائي يمنح منطقة الباحة حضوراً متفرّداً، حيث تتداخل برودة الأجواء مع طبقات الضباب الكثيفة التي تنساب على المرتفعات والسهول لتشكّل لوحة طبيعية آسرة تعكس خصوصية الإقليم. وقد نقل الصحفي في مادته الأصلية كيف تتحوّل الباحة خلال هذا الفصل إلى مساحة بصرية نابضة بالحياة، تجذب عشّاق الطبيعة والباحثين عن الهدوء والجمال، بفضل مناخها البارد وتشكّل الضباب صباحاً ومساءً، لاسيما في نطاق السراة. وتزداد هذه الجاذبية مع اكتساء الغابات والمتنزهات – مثل غابة رغدان ومتنزهَي الأمير محمد بن سعود والأمير حسام بن سعود – برداء ضبابي يمنح المكان بريقاً شتوياً مميزاً. كما يعزّز هذا الطقس من مكانة الباحة وجهةً واعدة للزوار الراغبين في ممارسة التنزّه والتصوير والتأمّل، وسط بيئة تجمع بين الخضرة والمرتفعات والهواء النقي، وينعكس أيضاً على دعم الغطاء النباتي والزراعات الموسمية، ما يؤكّد تنوّع الباحة البيئي ومكانتها الطبيعية خلال فصل الشتاء.

تمثّل منطقة الباحة إحدى أهم الوجهات السياحية الطبيعية في جنوب المملكة، نظراً لموقعها الفريد فوق جبال السراة وامتدادها بين مرتفعات شاهقة وأودية خضراء. ووفقاً لبيانات وزارة السياحة السعودية، تحظى المنطقة باهتمام متزايد ضمن خطط تطوير السياحة الداخلية، خصوصاً في مواسم الشتاء التي تشهد تنامي الإقبال على الأنشطة المرتبطة بالطبيعة والبيئة الجبلية. وتستفيد الباحة من المناخ البارد الذي يُعد ميزة تنافسية مقارنة بمناطق أخرى في المملكة خلال هذا الوقت من العام، ما يجعلها خياراً مفضلاً للسياح من داخل المملكة وخارجها.

وتشير بيانات البنك الدولي حول الأنماط السياحية العالمية إلى زيادة الاهتمام بالوجهات الطبيعية والبيئية خلال السنوات الأخيرة، حيث يميل السياح إلى اختيار المناطق الأقل ازدحاماً والتي تقدم تجارب أصيلة تعتمد على الطبيعة والهدوء. وهذا الاتجاه يتوافق تماماً مع ما تقدّمه الباحة، التي تجمع بين طبيعة جبلية مزدهرة وعمق تاريخي وثقافي يثري التجربة السياحية.

تشكّل الضبابات الكثيفة التي تغمر غابات الباحة واحدة من أبرز الظواهر الجوية التي تميز شتاء المنطقة، إذ تتحوّل المرتفعات إلى مشاهد ضبابية تذكّر بوجهات عالمية باردة. وقد أشارت هيئة الأرصاد وحماية البيئة إلى أن ضباب الباحة يتكرّر بشكل ملحوظ خلال أشهر الشتاء نتيجة تلاقي الرياح الرطبة الباردة مع طبيعة المنطقة الجبلية، ما يمنحها هوية مناخية خاصة تعزّز الجاذبية السياحية.

وتساهم هذه الأجواء في تنشيط حركة السياحة الشتوية، إذ يتوافد الزوار لتجربة المناخ البارد وممارسة أنشطة التصوير والمشي الجبلي واستكشاف المتنزهات الطبيعية. وبحسب تقرير نشره موقع يورو نيوز حول السياحة الجبلية، فإن الوجهات التي تقدم مناخاً بارداً مستقراً مع مناظر ضبابية تُسجَّل ضمن أكثر الوجهات التي تفضّلها الفئات الباحثة عن تجارب بصرية مميزة.

تُعد غابة رغدان واحدة من أبرز معالم الباحة الطبيعية، وتشتهر بكثافة أشجارها وتنوّع نباتاتها، وهو ما يجعل الضباب فيها أكثر كثافة وتأثيراً. كما تمثل متنزهات الأمير محمد بن سعود والأمير حسام بن سعود مناطق جذب متزايدة، خصوصاً بعدما شهدت أعمال تطوير خلال السنوات الأخيرة دعمتها مبادرات تحسين البنية التحتية السياحية.

ووفقاً لتقارير مجلة فوربس التي تناولت تفضيلات السفر العالمية، فإن السياحة البيئية تُعد من أسرع القطاعات نمواً، وأن الوجهات التي تجمع بين المناخ الفريد والغطاء النباتي الغني تشهد تزايداً في الإقبال السياحي، وهو ما ينسجم مع خصائص الباحة تماماً.

تتجاوز آثار الشتاء في الباحة الجانب السياحي لتشمل جوانب بيئية وزراعية مهمة. فالضباب المتكرر يسهم في ترطيب الغطاء النباتي ودعم الزراعات الموسمية التي تعتمد على الرطوبة العالية. وتُعرف منطقة الباحة تاريخياً بخصوبتها الزراعية ووفرة المدرجات الجبلية، ما يجعل الطقس الشتوي عاملاً مساعداً في تعزيز التنوع النباتي.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن المناطق الجبلية التي تستفيد من الرطوبة الشتوية تسجل معدلات نمو أعلى في النباتات الطبيعية، إضافة إلى دعم التربة عبر زيادة معدل الاحتفاظ بالمياه. وهذا ما يفسر استمرار ازدهار الغطاء النباتي في الباحة مقارنة بغيرها من المناطق الجافة.

تتوافق جاذبية الباحة الشتوية مع ما تسعى إليه رؤية المملكة عشرون ثلاثون من تعزيز السياحة الداخلية وتنويع التجارب السياحية. إذ يشكّل تنشيط السياحة الجبلية ركناً مهماً في إستراتيجيات تطوير الوجهات السياحية في جنوب المملكة.

كما ذكر مجلس السفر والسياحة العالمي أن المملكة تعد من أسرع الأسواق السياحية نمواً في العالم، بفضل المشاريع البيئية والطبيعية الكبرى التي تركز على رفع جودة الخدمات وتوفير خيارات متنوعة للزوار. وتبرز الباحة كجزء من هذه المنظومة بفضل مزيجها الفريد من المناخ البارد والمناظر الطبيعية والتجارب الهادئة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى