السعودية تعود بقوة إلى الهند بحملة ترويجية موسّعة لجذب المسافرين


أعلنت هيئة السياحة السعودية عن إطلاق حملة ترويجية كبرى تحمل هوية “السعودية المذهلة”، في خطوة استراتيجية تستهدف إعادة حضور المملكة بقوة إلى سوق السياحة الهندية. وتأتي هذه المبادرة عبر سلسلة عروض تجريبية تمتد لثلاثة أيام وتشمل خمس مدن رئيسية، مقدّمةً صورة غنية عن الثقافة السعودية والفعاليات الحديثة التي تشهدها المملكة، وبذلك تواصل الهيئة تنفيذ أحد أوسع التحركات الترويجية التي تشهدها شبه القارة الهندية خلال الأعوام الأخيرة.

تؤكد هذه المبادرة، في مضمونها، التزام المملكة بتعزيز حضورها داخل أحد أسرع أسواق السفر نمواً على مستوى العالم، وفقاً لتقارير منظمة السياحة العالمية، كما تعكس رغبة حقيقية في تطوير روابط طويلة الأمد مع السوق الهندية المتنامية.


يمثل اختيار خمس مدن هندية منصةً للفعالية خطوة واضحة تُبرز الأهمية التي توليها المملكة لهذا السوق الذي يشهد نمواً متسارعاً في معدلات السفر الخارجي. فبحسب بيانات وزارة السياحة الهندية، تجاوز عدد المسافرين الهنود إلى الخارج حاجز ٢٧ مليون مسافر في عام ٢٠٢٣، وهو رقم يعكس قوة الإنفاق السياحي وارتفاع الطلب على الوجهات الحديثة.

هذا التوسّع ليس خطوة منفصلة، بل يأتي ضمن استراتيجية متتابعة بدأت خلال الأشهر الماضية عبر سلسلة من الفعاليات المتفرقة التي نظمتها هيئة السياحة السعودية في عدة مدن هندية، مثل الجولة الترويجية في حيدر أباد وأحمد آباد ونيودلهي، بالإضافة إلى فعالية مهنية استهدفت شركاء القطاع في العاصمة. وقد ساهم هذا التواصل المباشر، وفقاً لما أورده موقع إنديا توداي، في تعزيز حضور المملكة وتجديد اهتمام المسافرين الهنود بالوجهات الجديدة التي تقدمها.

ويكشف هذا الزخم عن رغبة واضحة لدى المملكة في تقديم نفسها كوجهة معاصرة تجمع بين تجارب الاستكشاف الحديثة والثقافة العريقة، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 في تنويع مصادر الدخل وتعزيز دور السياحة كقطاع اقتصادي محوري.


شهدت الفعالية الترويجية تقديم عروض ثقافية وتجارب تفاعلية تهدف إلى محاكاة البيئة السعودية بطريقة عصرية ومباشرة. وقد جرى تصميم أماكن العرض بعناية لتقديم صورة حقيقية عن الضيافة السعودية، بأسلوب يوازن بين الأصالة والحداثة.

ولتحقيق تجربة متكاملة، أُنشئت عدة مناطق تفاعلية، بينها مساحة مخصّصة لتقديم ضيافة سعودية تقليدية مع التركيز على التواصل المباشر بين الزوار والمضيفين. تم الاستعانة بروائح عربية أصيلة كبديل للمصطلحات المحظورة، مع إبراز الطابع الترحيبي الذي يميّز المجالس السعودية. كما مُنح الزوار فرصة التعرّف إلى طقوس الضيافة التي ارتبطت عبر التاريخ بالكرم والترحيب بالضيوف.

وفي تقرير نشرته مجلة ترانسكونتيننتال للسياحة، جرى التأكيد على أن تقديم التجارب الثقافية المتكاملة داخل فعاليات الترويج يعزز ارتباط الجمهور بالمقاصد السياحية وقدرتهم على تخيل تجربة السفر قبل اتخاذ القرار، وهي إحدى أهم الاستراتيجيات الحديثة في تسويق الوجهات حول العالم.


من أبرز محاور الحدث تقديم عرض شامل لأكبر المشاريع السعودية الجديدة، وفي مقدمتها مشروع القدية الذي يمثل أحد أكثر المشاريع الترفيهية طموحاً في المنطقة. يبرز المشروع باعتباره وجهة عالمية تقوم على مفهوم “قوة التجارب”، وهو توجه جديد في صناعة السياحة يعتمد على بناء مواقع ترفيهية قادرة على التأثير الإيجابي في الزوار عبر أنشطة الإبداع والاكتشاف.

وبحسب تقارير موقع بلومبرغ، يُعد مشروع القدية أحد أكبر المشاريع الترفيهية تحت الإنشاء في العالم، وتشمل خططه مجمعات للترفيه العائلي، ومناطق مخصصة للمغامرات، ومراكز للرياضات المتنوعة، مما سيشكل إضافة نوعية لقدرات المملكة في جذب المسافرين الباحثين عن التجارب الحديثة.

وتنسجم هذه المبادرات مع التطور المتسارع في البنية التحتية السياحية داخل المملكة، حيث تشهد المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ارتفاعاً كبيراً في مستوى الفنادق الدولية وشبكات النقل الحديثة، وفقاً لبيانات البنك الدولي حول الاستثمارات في مجال البنية التحتية.


لم تكتفِ الحملة بالاستعراض الترويجي، بل قدمت أيضاً حلولاً عملية للزوار لتسهيل اتخاذ قرار السفر، حيث وفّرت نقاطاً ميدانية مخصّصة لمساعدة المسافرين في فهم متطلبات التأشيرة والخطوات اللازمة للتقديم. وتم تدريب ممثلين متخصصين لاستقبال الاستفسارات وتقديم الإرشادات المباشرة، مع التأكيد على أهمية إحضار جواز السفر والاطلاع مسبقاً على الوثائق المطلوبة على موقع “تسهيل” الرسمي.

ويُعد هذا النوع من الدعم جزءاً من اتجاه عالمي، إذ أشارت منظمة السياحة العالمية إلى أن توفير خدمات إرشادية مباشرة يسهم في رفع نسبة المسافرين المهتمين إلى مسافرين حقيقيين بنسبة تصل إلى ٣٥٪ في بعض الأسواق.


اعتمدت الحملة الترويجية أيضاً على الزخم الذي حققته المملكة خلال السنوات الأخيرة في قطاع الرياضة والفعاليات الدولية، خاصة بعد انتشار حملات عالمية بارزة شارك فيها نجوم معروفون على مستوى العالم.

وقد ظهر تأثير هذه الحملات في ارتفاع نسبة الوعي بالوجهات السعودية داخل السوق الهندية، وفقاً لبيانات نشرها موقع يورو نيوز حول أثر الحملات الرياضية في تعزيز الدعاية السياحية. ومن خلال هذا الربط بين الرياضة والسياحة، تقدم المملكة نموذجاً حديثاً يدمج بين التجارب الترفيهية والوجهات الثقافية والبنية التحتية الحديثة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى