ينبع تسجل ذروة نشاطها السياحي في موسم الخريف تفوق 90%


تشهد محافظة ينبع هذا العام نشاطاً سياحياً لافتاً خلال إجازة الخريف، إذ سجّلت الفنادق والشقق الفندقية والمنتجعات نسب إشغال تجاوزت 90%، في مؤشر واضح على تنامي حضور المحافظة كوجهة سياحية متكاملة تستقطب الزوار من مختلف مناطق المملكة. وأوضح تركي قرنبيش، رئيس جمعية ينبع السياحية، أن هذا النمو يأتي انعكاساً لما تتمتع به المحافظة من مقومات طبيعية وبحرية وتراثية متنوعة، إلى جانب المبادرات والبرامج النوعية التي أثرت التجربة السياحية وقدمت للزوار خيارات واسعة تناسب مختلف الفئات العمرية والاهتمامات.

يمثّل موسم الخريف في ينبع أحد أكثر المواسم التي تكشف عن تنوع طبيعة المحافظة، حيث يتزامن اعتدال الأجواء مع ازدياد الإقبال على الأنشطة البحرية والمغامرات البرية والفعاليات الثقافية. ووفقاً لبيانات وزارة السياحة السعودية، تُعد ينبع واحدة من أبرز المدن الساحلية على البحر الأحمر التي تشهد نمواً مستمراً في حجم الزوار خلال المواسم، مع تركيز متزايد على تعزيز البنية التحتية السياحية وتطوير الخدمات.

وتتميّز ينبع بشريط ساحلي غني بالحياة البحرية، ما جعلها خلال الأعوام الأخيرة وجهة مفضلة لهواة الأنشطة البحرية، خصوصاً الغوص، إذ تشير تقارير متخصصة في السياحة البحرية إلى أن سواحل البحر الأحمر المحيطة بينبع تضم مواقع من بين الأجمل في المنطقة من حيث تنوع الشعاب المرجانية وصفاء المياه.

يرى خبراء السياحة أن الأنشطة البحرية أصبحت جزءاً محورياً في تجربة زيارة ينبع، بدءاً من الغوص في أعماق البحر الأحمر، مروراً بالرحلات العائلية لصيد الأسماك، وصولاً إلى الجولات البحرية التي تقود الزائر نحو جزيرة البريدي، التي تُعد واحدة من أبرز الجزر الطبيعية ذات الإطلالات الساحرة. وقد أشار تقرير نشره موقع Visit Saudi إلى أن جزيرة البريدي باتت ضمن الوجهات الأكثر زيارة خلال المواسم نظراً لسهولة الوصول إليها وحفاظها على بيئتها الطبيعية.

كما تشهد شواطئ ينبع نشاطاً متزايداً للرياضات البحرية مثل السباحة والتجول بالقوارب والدراجات البحرية، مما زاد من جاذبية المدينة لدى العائلات والشباب الباحثين عن أجواء تجمع بين الراحة والحركة.

لا يقتصر المشهد السياحي في ينبع على البحر فحسب، بل يمتد إلى أنشطة جوية جذبت اهتماماً كبيراً هذا الموسم؛ إذ سجلت فعاليات الطيران الشراعي فوق الكثبان الرملية إقبالاً واسعاً، نظراً لما توفره من فرصة للاستمتاع بمناظر بانورامية للمدينة وساحلها ومحيطها الطبيعي. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط، فإن الرياضات الجوية في السعودية شهدت نمواً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بتطور التنظيمات السياحية وحرص الجهات المعنية على تعزيز مواقع المغامرات.

هذا النوع من التجارب يرفع من قيمة ينبع كوجهة متعددة المستويات، تجمع بين الاستجمام، والمغامرة، والمشاهد الطبيعية التي باتت إحدى السمات البارزة للمدينة.

يشكّل التنوع الصحراوي المحيط بينبع بيئة مثالية للأنشطة البرية، مثل رحلات السفاري وركوب الدراجات الصحراوية، وهي تجارب يزداد الإقبال عليها خلال الاعتدال المناخي في موسم الخريف. وتنتشر في محيط المدينة عدد من النزل الريفية التي تقدم للزوار تجارب استرخاء هادئة بعيداً عن وتيرة المدن، بأسلوب يعزز حضور السياحة الريفية في السعودية، وهو أحد المسارات التي أكدتها استراتيجية السياحة الوطنية 2030.

وتُظهر بيانات البنك الدولي المتعلقة بالسياحة الريفية أن هذا النوع من الأنشطة يحقق نمواً سريعاً على مستوى العالم، لكونه يدمج بين الطبيعة والثقافة المحلية، وهو ما يتوافق مع الهوية التراثية التي تقدمها مناطق الريف المحيطة في ينبع.

شهدت المواقع التاريخية والتراثية في ينبع إقبالاً واسعاً هذا الموسم بفضل الجولات التعريفية التي يقودها مرشدون معتمدون، والتي تقدم للزوار لمحة عن الموروث الثقافي القديم للمدينة. وتبرز المنطقة التاريخية في ينبع بوصفها إحدى المحطات الرئيسية التي تستعرض الهوية العمرانية القديمة، بما في ذلك المباني التقليدية والأسواق الشعبية.

ووفقاً لموقع هيئة التراث السعودية، فإن المنطقة التاريخية في ينبع تعد جزءاً من مشروع وطني واسع لإحياء القيم العمرانية القديمة، وتحويل المدن الساحلية ذات الطابع التراثي إلى مراكز جذب ثقافي وسياحي، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تنشيط الحركة الاقتصادية المحلية.

وقد ساهمت هذه الجولات في رفع وعي الزوار بالموروث الحضاري لمدينة لها دور مهم في حركة التجارة القديمة على ساحل البحر الأحمر، خصوصاً في القرون الماضية عندما كانت محطة رئيسية في خطوط الملاحة.

جاءت المهرجانات الموسمية المتزامنة مع عطلة الخريف لتعزز الحراك السياحي في ينبع، عبر سلسلة فعاليات عائلية وثقافية وترفيهية. وتوضح تقارير وزارة السياحة أن الفعاليات الموسمية باتت ركيزة أساسية في استراتيجية الجذب السياحي، إذ تسهم في رفع معدلات الإشغال وتنويع تجربة الزائر.

وتشير بيانات يورونيوز حول السياحة الترفيهية إلى أن إقامة فعاليات عائلية متكررة ترفع من معدلات العودة للوجهة نفسها بنسبة تصل إلى 30%، وهو ما يعكس أهمية هذه البرامج في تعزيز الولاء السياحي ورفع القيمة الاقتصادية للمواسم.

أكد تركي قرنبيش أن النمو الملحوظ في أعداد الزوار يعكس نجاح التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، وهو توجه يتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تعطي أولوية لتطوير المدن الساحلية وتحويلها إلى مراكز سياحية إقليمية. وتظهر الدراسات التي نشرتها مجلة فوربس حول الاقتصادات النامية في مجال السياحة، أن الشراكات بين الجهات الحكومية والمستثمرين المحليين تلعب دوراً محورياً في تحسين جودة الخدمات وزيادة القدرة الاستيعابية للمدن السياحية.

وتبرز ينبع اليوم كواحدة من المدن التي استفادت من هذه الشراكات لتحسين مسارات الوصول، وتطوير الشواطئ، ورفع مستوى الخدمات، وتوفير بيئة جاذبة لأنماط مختلفة من الزوار، مما رسخ مكانتها على خارطة السياحة الوطنية.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى