الوجه تستعد بمرافقها الساحلية والمتنزهات لاستقبال زوّار إجازة الخريف

تشهد محافظة الوجه في منطقة منطقة تبوك هذه الأيام حركة تحضيرية نشطة لاستقبال الزوار والمتنزهين خلال إجازة الخريف، إذ تستند إلى ما تزخر به من مواقع ساحلية خلابة ومتنزهات مجهّزة تجعلها واحدة من أبرز الوجهات البحرية على ساحل البحر الأحمر. يُعد شاطئ شرم زاعم من أبرز المقاصد البحرية في المحافظة، لما يتمتع به من إطلالة ساحرة ومياه صافية وأماكن ملائمة لمختلف الأنشطة السياحية والترفيهية، إلى جانب توفر الخدمات التي تعزّز راحة الزوار، مما جعله من أكثر المواقع إقبالاً خلال المواسم. كما تستقطب منطقة شاطئ الدرر الباحثين عن الهدوء، إذ تمنحهم طبيعتها الساحلية النائية وتجربة استجمام مثالية وسط أجواء طبيعية هادئة، خصوصاً عند الغروب، وتضم عدداً من المتنزهات والمسطحات الخضراء المهيّأة لاستقبال العائلات، بما توفره من مواقع جلوس ومناطق ألعاب للأطفال وممرّات للمشي. كذلك، تواصل بلدية محافظة الوجه تنفيذ أعمالها الميدانية على امتداد الشواطئ والمتنزهات، شاملة أعمال النظافة الدورية وصيانة المرافق وتحسين المشهد الحضري، إلى جانب متابعة الجاهزية واستقبال الملاحظات، بما يضمن توفير بيئة آمنة وجاذبة تلائم تطلعات الزوار وتسهم في تعزيز الحركة السياحية بالمحافظة.


تقع محافظة الوجه على ساحل البحر الأحمر ضمن منطقة تبوك، وتبعد حوالي 145 كم جنوباً عن محافظة ضباء، وعن مدينة تبوك نحو 325 كم. وتتميّز بكونها مدينة ساحلية قديمة، تقع على هضبة ساحلية غربية، وتحيط بها شرقاً المرتفعات التي تشكّل جزءاً من جبال الحجاز الشمالية.
من منظور تاريخي، تمتد جذور الوجه إلى مدن البحر الأحمر وإلى حقب مرت من خلال طريق الحج القديم، إذ احتضنت قلعة الزريب وغيرها من المحطات التي كانت تستقبل القوافل، وكانت بوابة بحرية مهمة. فبجانب كونها وجهة طبيعية خلّابة، تحمل المحافظة عمقاً تراثياً مميزاً يضفي على مقوماتها السياحية قيمة مضافة.

تمتاز المحافظة بتنوّع طبيعتها ما بين شواطئ رملية وصخرية، مياه فيروزية، جزر مرجانية، ومناطق هادئة بعيداً عن الزحام العمراني، ما يلفت اهتمام عشّاق الرحلات البحرية والغوص والاسترخاء. على سبيل المثال، يشير التقرير إلى أن شاطئ خليج حواز وحويز يمتد لستة كيلومترات ويتميّز بتنوّع بيئته الطبيعية.من جهة أخرى، تُولي الجهة الإدارية المحلية اهتماماً واضحاً بتجهيز المتنزهات والمرافق الخدمية، إذ تشمل أعمال الصيانة والنظافة وتحسين البنى التحتية للمرافق العامة. هذا الانخراط الحكومي يعزز الثقة لدى الزوار ويشجّع الحركة السياحية الموسمية.
وعلى مستوى الخدمات السياحية، لدى المحافظة قدرة جيدة لاستقبال الزوار من العائلات والمجموعات، بما في ذلك أماكن جلوس، مناطق ألعاب للأطفال، ممرّات للمشي، وخيارات للاستجمام عند الغروب، خصوصاً في مواقع مثل شاطئ الدرر. وهذه العوامل تضيف قيمة تنافسية مقارنة بوجهات أخرى أكثر ازدحاماً.

يُعد ساحل البحر الأحمر أحد أهم الروافد التي تُمكّن المملكة من تنويع مصادر الدخل السياحي في إطار رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحويل السياحة الواعدة إلى صناعة مستدامة. وفي هذا السياق، تأتي الوجه ضمن شبكة وجهات بحرية أقل اكتظاظاً وأكثر أصالة من الوجهات التقليدية، ما يجعلها جذّابة للسياحة المحلية والدولية على حد سواء.
وتعكس الاستعدادات المكثفة لإجازة الخريف حرص المحافظة على الالتزام بمعايير الجودة وتعزيز التجربة السياحية، ما يعزز إمكانية النمو في الإقبال على الشواطئ والمتنزهات ويُسهم في تنشيط الأنشطة الاقتصادية المرتبطة، مثل الإقامة والمطاعم والنقل والترفيه.
علاوة على ذلك، فإن المحافظة تمثل محطة مهمة لعناصر سياحية إضافية مثل الغوص وصيد الأسماك والاستكشاف البحري، وهي عناصر عادة ما تشدّ اهتمام الزوار المستعدين لإنفاق أكثر من متوسط السياحة التقليدية، ما يُسهم في رفع الإنفاق السياحي وتحقيق العائدات المحلية.

من منظور تحليلي، يُمكن القول إن المحافظة تستفيد من ميزة المكان – سواحل البحر الأحمر – بشكل جيد، لكن تحقيق مستويات أعلى من الإقبال يتطلب تنويعاً أكبر في التجربة السياحية: مثل تقديم رحلات بحرية منظمة، خدمات الغوص المحسّنة، إقامة فنادق ومنتجعات فاخرة مصنّفة، وربما تنظيم فعاليات موسمية أو مهرجانات سياحية.
على الجانب الآخر، إن الجهود المكثفة في أعمال الصيانة والتهيئة التي أشارت إليها البلدية تُعد خطوة استراتيجية مهمة، إذ إن من أكبر العوائق أمام السياحة جودة الخدمات والمرافق. إن تقديم بيئة نظيفة وآمنة ومريحة يعدّ عاملاً حاسماً في قرار الزائر، خصوصاً العائلات.
من جهة ثالثة، فإن المحافظة، كونها أقل شهرة من بعض الوجهات الكبرى، تمتلك فرصة للتميّز بإطار «السياحة الخضراء» أو «السياحة الهادئة»، وهو توجه عالمي متنامٍ. وقدرتها على جذب فئات تبحث عن هدوء، طبيعة بكر، وخدمة جيدة تجعلها تنافس بقوة إذا تم استثمار ذلك بكفاءة. ومن هذا المنطلق، فإن تخطيطاً محلياً جيداً وتنسيقاً مع القطاع الخاص لتوسيع الخيارات الفندقية والمطاعم والخدمات الترفيهية قد يعزّزان موقع الوجه كمقصد متكامل.
وفيما يتعلق بالاقتصاد المحلي، فإن زيادة أعداد الزوار تعني فرصاً لوكالات السفر والنقل والمطاعم والمتاجر، وتدريب القوى العاملة المحلية، ما يعزز التنمية الاقتصادية للمحافظة ويخلق قيمة مضافة. كذلك، الاستراتيجية التي تتبعها البلدية في الصيانة والتحسين تضع الأساس لجودة تجربة السياحة وتكرار الزيارة، الأمر الذي يُعدّ صلباً في بناء سمعة وجهة سياحية.
لكنّ التحدي يبقى في الاستدامة: كيف تُدير المحافظة تدفّقاً سياحياً متزايداً دون أن تتضرّر الطبيعة أو يُظهر نقص في الخدمات؟ وكيف تُميز نفسها بما يتجاوز مجرد الشاطئ؟ في هذا السياق، يمكن للوجه أن تستثمر تراثها التاريخي القريب، مثل بلدة الوجه القديمة، أو القلاع والمواقع الأثرية، وتجعلها جزءاً من الحزمة السياحية، ما يزيد من مدة إقامة الزوار ويعزز من إنفاقهم.

إذا واصلت المحافظة والمجلس المحلي للوجه العمل بهذه الوتيرة في تطوير البنية التحتية السياحية والخدمية، فإنها تقف على أبواب مرحلة جديدة من النمو السياحي. بما أن موسم إجازة الخريف يمثل فرصة كبيرة، فإن الاستدامة في الخدمات والاستثمار المنسّق مع القطاع الخاص يمكن أن يحول المحافظة إلى علامة مميزة في شبكة وجهات المملكة البحرية، مكمّلة لجهود تنويع الاقتصاد والنمو في قطاع السياحة.
ويُتوقع أن يشهد القادم من السنوات مزيداً من الإقبال ليس من السياح المحليين فحسب، بل من الزوار الدوليين الباحثين عن تجربة بحرية عربية أقل ازدحاماً وأكثر أصالة. ما يجعل المحافظة من الوجهات التي يجدر بمراقبة تطوراتها في مجال الاقتصاد السياحي.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى