أفادت شركة طيران ناس للطيران الاقتصادي بأنها ستشغّل ابتداءً من 6 ديسمبر رحلة جوية أسبوعية مباشرة بين العاصمة العراقية بغداد والمدينة المنورة، في إطار خطتها الاستراتيجية «نربط العالم بالمملكة». ويتماشى هذا التوسع مع الاستراتيجية الوطنية للطيران المدني في المملكة التي تهدف إلى ربط المملكة بـ 250 وجهة دولية واستيعاب 330 مليون مسافر واستضافة 150 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2030، بالإضافة إلى دعم أهداف برنامج ضيوف الرحمن لتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين. وستُضاف هذه الرحلة الجديدة إلى شبكة الشركة التي تشمل حالياً رحلات منتظمة بين النجف والدمام بأربع رحلات أسبوعية، وبين بغداد وجدة برحلة يومية. ويُذكر أن طيران ناس كان أول ناقل جوي سعودي يُستأنف نشاطه بين المملكة والعراق في عام 2017 بعد توقف استمر 27 عاماً. وتُشغّل الشركة حالياً 139 خط سير إلى أكثر من 70 وجهة داخلية ودولية في 30 دولة، عبر أكثر من 2000 رحلة أسبوعية، وقد نقلت أكثر من 80 مليون مسافر منذ إطلاقها في عام 2007، وتستهدف الوصول إلى 165 وجهة ضمن خطتها التوسعية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
خلفية عن طيران ناس ونموه المستمر
تُعد طيران ناس أول شركة طيران منخفضة الكلفة في المملكة العربية السعودية، تأسّست عام 2007 تحت اسم “Nas Air” ثم تغيّر اسمها إلى طيران ناس لاحقاً. تتخذ من مدينة الرياض مقراً رئيسياً، وتُشغّل رحلات من محاور متعددة داخل المملكة وخارجها، بما يُرسخ حضورها الإقليمي والدولي.
وتعمل الشركة على أسطول من طائرات إيرباص، وقد أعلنت خططاً طموحة لزيادة عدد وجهاتها وعدد الطائرات في السنوات المقبلة. ويكيبيديا+1
وتأتي هذه التوسعات في سياق محاور رئيسية ترتبط بخدمة الحج والعمرة (من خلال ربط المدن السعودية بوجهات الحجاج)، والخدمة الاقتصادية منخفضة التكلفة، وتوسّع الطرق الدولية.
أهمية الربط بين بغداد والمدينة المنورة
إطلاق الرحلة الأسبوعية المباشرة بين بغداد والمدينة المنورة يحمل دلالات متعددة، لاسيما في سياق الترويج للسياحة الدينية وتحسين الربط بين العراق والمملكة في مجال النقل الجوي. ومن الجدير بالذكر أن العراق يعد سوقاً مهماً من حيث الراغبين في تأدية مناسك العمرة أو زيارة المدن المقدّسة، وبالتالي فإن توفير رحلة مباشرة يسهم في تقليص زمن الرحلة وتحسين تجربة المسافر.
وعلاوة على ذلك، فإن الربط الجوي بين بغداد (عاصمة العراق) والمدينة المنورة (إحدى المدن المقدّسة في السعودية) يعكس ديناميكية متزايدة في العلاقات الجوية والسياحية، ويُعد جزءاً من خطة أكبر لربط المملكة بشبكة وجهات واسعة، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 في تنمية السياحة الدينية وتحفيز الإنفاق السياحي.
المنظور الاقتصادي وتأثيره على السياحة
من الناحية الاقتصادية، إن توسيع شبكة رحلات طيران ناس يُمثل دفعة لوكالات السفر، والفنادق، والنقل داخل المملكة، وكذلك لشركات الطيران العراقية والشركاء، من خلال زيادة حجم المسافرين الوافدين والمغادرين. ويُتيح الربط المباشر جمع بيانات أدق عن الطلب على السفر من العراق إلى السعودية، ما يسهّل تخطيط الخدمات، وتحديد العروض، وربما تخفيض تكلفة التذاكر بمرور الوقت.
وفي سياق السياحة الدينية، تُركّز المملكة حالياً بقوة على جذب أعداد أكبر من الحجاج والمعتمرين من الخارج، وإتاحة رحلات أكثر مرونة وأسعاراً تنافسية، ما يسهم في زيادة عدد الزوار وتحفيز الإنفاق في القطاعات المرتبطة بالفنادق، والمطاعم، والنقل الداخلي، والترفيه المرتبط بالسياحة الدينية. هذا الربط الجديد يعد خطوة مهمة ضمن هذه الرؤية، إذ سيوفر خياراً مباشراً للعراقيين الراغبين في زيارة المدينة المنورة، من دون الحاجة للتوقف أو الترحيل عبر محطات وسيطة.
سياق التوسّع الجوي وخدمات العمرة
تعمل السعودية على تطوير بنية تحتية متكاملة لدعم حج وعُمرة أكثر كفاءة، تضم رحلات جوية أكثر، وتسهيلات للمسافرين، وخدمات استقبال أفضل. وتتزامن هذه الجهود مع عمل الشركات الوطنية مثل طيران ناس لتوسيع شبكاتها. شركة طيران ناس أعلنت سابقاً عزمها الوصول إلى 165 وجهة داخلية ودولية ضمن خطتها التوسعية.
كما أن الربط من النجف إلى الدمام بأربع رحلات أسبوعية، ومن بغداد إلى جدة برحلة يومية، يعكس توجّهاً واضحاً لتقوية الربط مع العراق. ويوضح أن المسار بغداد–المدينة المنورة ليس منفرداً، بل ضمن منظومة متكاملة تعزّز الربط بين العراق والمملكة.
تحليل احترافي: التحديات والفرص
من جهة الفرص، ربط بغداد بالمدينة المنورة مباشرة يعزز جاذبية المملكة كوجهة للمعتمرين العراقيين، ويسهم في تحقيق أهداف النمو السياحي. كما أن إطلاق مثل هذه الرحلات يعزز قدرة طيران ناس على المنافسة في سوق الطيران منخفض التكلفة الإقليمي، ويعطي الشركة مرونة أكبر لتوسيع مدى شبكتها وخدماتها.
ومن جهة التحديات، فإن نجاح هذا المسار يعتمد على قدرة الشركة على جذب عدد كافٍ من المسافرين بانتظام للحفاظ على الجدوى الاقتصادية. كما أن البنية التحتية في المطارات (سواء في بغداد أو المدينة المنورة) وخدمات التأشيرات والنقل الداخلي في السعودية ستكون عوامل مؤثرة في تجربة المسافر وسرعة انتقاله من مطار الوصول إلى مقر إقامته أو موقع العمرة. كذلك، المنافسة الجوية التي تتوسع في المنطقة من شركات طيران منخفضة التكلفة قد تضع ضغطاً على التسعير والخدمات.
إلا أن ما يعطي هذه الخطوة قوة إضافية هو التزام المملكة بتوسيع السياحة الدينية ضمن استراتيجية وطنية شاملة، ما يعزز من فرص النجاح. فمن خلال ربط المملكة بشكل أكبر بالأسواق العراقية، ستتمتع طيران ناس بميزة استباقية في هذا المسار، ما يوفر لها قاعدة ثابتة للتوسع في الشرق الأوسط.
الربط برؤية السعودية 2030 وأهداف السياحة
تُعد رؤية السعودية 2030 محورية في تحويل الاقتصاد الوطني بعيداً عن الاعتماد على النفط، مع التركيز القوي على قطاع السياحة كركيزة للنمو الاقتصادي. ومن ضمن أهداف هذه الرؤية، ربط المملكة بـ 250 وجهة دولية، واستيعاب 330 مليون مسافر، واستضافة 150 مليون زائر سائح سنوياً بحلول عام 2030. الإعلان عن رحلة بغداد–المدينة المنورة من قبل طيران ناس يعكس تطبيقاً حقيقياً لهذه الرؤية، ويُنفّذ أهدافاً محددة في الواقع.
وعلى مستوى الطيران، فإن تطوير شبكة الطيران وتعزيز الربط الجوي الدولي هما حجر الزاوية في تنمية السياحة. فكلما زاد عدد الرحلات المباشرة، قلّت العوائق أمام الزوار، وباتت التجربة أكثر جاذبية. ومن هذا المنطلق، تُعد هذه الرحلة الجديدة مثالاً عملياً على التكامل بين أهداف التنمية السياحية الوطنية وخطط الشركات العاملة في السوق.




